كيف تسبب "الجبن" في إحداث شرخ جديد بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي؟

نشر
آخر تحديث
مصدر الصورة: AFP

استمع للمقال
Play

تشهد العلاقات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي حالياً ما يمكن وصفه بأفضل مستوياتها منذ استفتاء «بريكست» عام 2016، إلا أن توتراً مستمراً يلوح بين الجارين بسبب حظر استيراد الجبن واللحوم القارية إلى بريطانيا.

في أبريل نيسان، حظرت المملكة المتحدة على الأفراد جلب جميع منتجات الألبان ومجموعة من اللحوم من الاتحاد الأوروبي لأغراض الاستهلاك الشخصي، مشيرة إلى أن هذا الحظر ضروري لمنع انتشار محتمل لمرض الحمى القلاعية بين المواشي البريطانية بعد تفشيات في أوروبا خلال العام الحالي.

وحُذر السياح البريطانيون المتجهون إلى القارة الأوروبية من إحضار منتجات غذائية مثل الجبن، الشوريسو، لحم سيرانو، أو السندويشات المحتوية على أي من المنتجات المحظورة، حتى لو كانت مغلقة أو مُشتراة من متاجر المعفاة من الرسوم الجمركية في المطارات. ويشمل الحظر أيضاً الكعك والبسكويت والشوكولاتة التي تحتوي على نسبة عالية من منتجات الألبان غير المعالجة أو الكريمة الطازجة.

وأُبلغ من يُضبطون بحمل منتجات محظورة بأن عليهم تسليمها عند الحدود أو أن يتم مصادرتها وتدميرها، مع احتمال فرض غرامة تصل إلى 5000 جنيه إسترليني (حوالي 6700 دولار)، وفقاً للحكومة البريطانية.

 

اقرأ أيضاً: ستارمر: بريطانيا عند مفترق طرق بين التجديد والانحدار

 

وأكدت المملكة المتحدة أن الحظر لا يشمل واردات الأغذية التجارية لأنها تخضع لمتطلبات بيولوجية أكثر صرامة، مثل المعالجة الحرارية وشهادات الصحة البيطرية.

من جانبها، قالت متاجر الجبن في باريس —وخصوصاً تلك القريبة من محطة غار دو نورد حيث تسافر قطارات يوروستار بين بريطانيا وفرنسا— إن القيود أثرت على مبيعاتها لفئة العملاء الحيوية.

وقال ألكسندر فيلاكا، مؤسس ومدير متجر «فروماديري فرديناند» في باريس، لقناة CNBC: «السياح مهمون جداً، وبالأخص البريطانيون»، مشيراً إلى أنه اختار حي محطة غار دو نورد عند افتتاح متجره قبل ثمانية أعوام لجذب الزوار الدوليين.

وأضاف: «خلال السنوات القليلة الماضية، كان من المهم جداً الحصول على العملاء البريطانيين. كنا نغلف الجبن بالتفريغ لتسهيل نقله إلى المملكة المتحدة، وبدأنا نحظى بعملاء منتظمين كانوا يمرون بمتجرنا لإحضار بعض الهدايا للعائلة والأصدقاء... لكن قبل عدة أشهر، أبلغني العملاء بأنه أصبح ممنوعاً إحضار الجبن إلى الوطن».

وتابع: «لقد كان لهذا الأمر تأثير كبير على مبيعاتنا للعملاء البريطانيين».

وقال فيلاكا إن الحظر كان في الغالب «غير منطقي»، نظراً لأن السلطات الفرنسية كانت «صارمة للغاية» بشأن الرقابة الصحية والفحوصات الدورية على منتجي الجبن ومنتجاتهم وتوزيعها. وأشار إلى أن منتجي الجبن البريطانيين الذين يتعامل معهم شعروا أيضاً بالاستياء من هذا الحظر.

وأضاف: «نشعر بالفخر عندما يأخذ العملاء بعض التذكارات إلى منازلهم، ربما بعض النبيذ أو الجبن — قليلاً من فرنسا في حقائبهم، كما يُقال. لذا لا نفهم [الحظر]، نحن منزعجون للغاية، وهذه أخبار سيئة لأنه من الناحية التجارية، الأمر ليس جيداً».

 

مرض الحمى القلاعية

 

ليس الحظر المؤقت على دخول أو خروج المنتجات الغذائية القارية من وإلى المملكة المتحدة، أو العكس، أمراً جديداً. ويجدر بالذكر أن الاتحاد الأوروبي فرض حظراً دائماً على البريطانيين لإحضار المنتجات الحيوانية ومنتجات الألبان، لأغراض الاستهلاك الشخصي، إلى دوله بعد «بريكست» لنفس الأسباب، وهي منع انتشار الأمراض.

يُعد مرض الحمى القلاعية (FMD) مصدر قلق بالغ للقارة الأوروبية المتماسكة، إذ يمكن أن ينتشر بسرعة كبيرة، لا سيما نظراً لسوقها الزراعي المترابط ووجود عدة طرق للانتقال.

ولا يشكل مرض الحمى القلاعية خطراً على البشر، لكنه شديد العدوى بين الأبقار والأغنام والخنازير، حيث يمكن للمرض أن ينتشر بسرعة بين المواشي، ما يترتب عليه عواقب وخيمة.

وقد تم تأكيد تفشيات للمرض في ألمانيا والمجر وسلوفاكيا في وقت سابق من هذا العام، إلا أنه تم احتواؤها بعد أن نفذت هذه الدول بسرعة إجراءات رقابية على صحة الحيوانات في المنشآت المتأثرة، بما في ذلك ذبح المواشي وإنشاء مناطق حماية ومراقبة.

 

اقرأ أيضاً: مصارف بريطانيا بين مكاسب قياسية ومخاوف ضرائب جديدة!

 

شهد وباء عام 2001، الذي بدأ في المملكة المتحدة قبل أن ينتشر إلى القارة الأوروبية، تأثيراً مدمراً على قطاع الزراعة البريطاني، حيث اضطر إلى ذبح أكثر من ستة ملايين حيوان، ويُقدّر أن تكلفته على القطاعين العام والخاص في المملكة المتحدة بلغت مجتمعة نحو 8 مليارات جنيه إسترليني.

وفي الاتحاد الأوروبي، تم ذبح أربعة ملايين حيوان، ويُقدّر أن تفشي المرض كلف الدول الأعضاء نحو 2.7 مليار يورو من حيث تكاليف إجراءات القضاء على المرض وتعويضات المزارعين.

أما آخر تفشٍ للمرض في المملكة المتحدة، عام 2007، فقد اقتصر على ثماني مزارع فقط، إلا أن التكلفة الإجمالية قُدّرت بنحو 147 مليون جنيه إسترليني نتيجة الحظر الواسع لتحركات المواشي.

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة