الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بهدف إعادة الوظائف الأميركية المفقودة ودفع عجلة التصنيع داخل الولايات المتحدة، قد تقود إلى نتائج عكسية وتُسهم في الحد من عدد الوظائف المتاحة في عام 2026، وذلك وفقاً لتصريحات صدرت مؤخراً عن كبار التنفيذيين الاقتصاديين وبعض المهتمين برصد تأثير سياسات الرئيس ترامب الاقتصادية، في تقرير صدر عن شبكة CNBC.
فسوق العمل في الولايات المتحدة مهدد بتأثير ارتفاع تكاليف التشغيل التي قد تجبر الشركات على تقليص قوائم موظفيها. وعلى سبيل المثال، أظهر المشاركون في استطلاع لمعهد إدارة التوريد حول أوضاع المصانع، والذي أُجري في نوفمبر الماضي، مستويات مرتفعة من القلق.
شاهد أيضاً: مع استمرار تداعيات الرسوم الجمركية.. قطاع التصنيع الأميركي يعاني من الركود!
وصرّح أحد التنفيذيين العاملين في قطاع معدات النقل بأن هناك تغييرات تُجري تشمل عدد الموظفين بسبب الضغوط التي تسبّبها الرسوم الجمركية. كما ظهرت تعليقات مشابهة لعدة مشاركين في التقرير، الذي أظهر أن مؤشر التصنيع الذي يتابعه المعهد انخفض أكثر نحو منطقة تشير إلى تراجع في أوضاع الأعمال. فقد أبلغت نحو 48.2% من المؤسسات الإنتاجية المشاركة عن اتجاهها للتوسع، وهذه النسبة تُعتبر مؤشراً على الانكماش باعتبارها تقل عن 50%.
كما انخفض مؤشر التوظيف الذي أظهره الاستطلاع بمقدار نقطتين إلى 44%، وهو أدنى مستوى له منذ أغسطس الماضي، ويتماشى مع الاتجاه التدريجي والمستمر لضعف سوق العمل.
وتؤكد هذه المؤشرات تصريحات مدير في قطاع المعدات الكهربائية والأجهزة والمكونات، الذي قال إن الرسوم الجمركية تخلق مناخاً تجارياً أصعب مما كان عليه الوضع خلال أزمة كوفيد، بفعل حالة عدم اليقين في استقرار سلاسل التوريد العالمية.
إشارات متناقضة
ومع ذلك، تبقى الأوضاع الاقتصادية العامة مستقرة نسبياً، فالناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث يسير بمعدل 3.9%، وفقاً لتقديرات المجلس الاحتياطي الفدرالي في أتلانتا. كما ظهرت بيانات التوظيف في سبتمبر أقوى من المتوقع، حيث ارتفعت الوظائف غير الزراعية بمقدار 119,000 وظيفة، رغم وجود مؤشرات على أن كبار أصحاب العمل يقومون بعمليات تسريح، على غرار ما أعلنته شركة أمازون من نيتها تخفيض ما يصل إلى 30,000 وظيفة، لتنضم إلى شركات كبرى أخرى أعلنت عن تقليصات في أعداد العمال والموظفين.
إلى ذلك، أشار تقرير صادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والتي تضم 38 دولة، إلى أن الرسوم الجمركية لم تؤثر بعد على الاقتصاد العالمي، لكن التقرير حذّر من أن الأثر الكامل لها قد يظهر لاحقاً. وأوضح التقرير أن "الرسوم التي تؤثر على الطلب"، مشيراً إلى انخفاض حاد في قيمة السلع الأميركية المستوردة الخاضعة للرسوم، ومتوقعاً استمرار الضغط على حجم التجارة مع دخول الرسوم المعلنة حيّز التنفيذ الكامل.
كما أشار تقرير اقتصادي صادر عن الاحتياطي الفدرالي الأسبوع الماضي إلى أن معدلات التوظيف قد "انخفضت قليلا" خلال الأسابيع لاسبعة الماضية. بينما أفاد المصنعون بأن الرسوم الجمركية وعدم اليقين ما زالا يمثلان عائقاً. وعكست تعليقات صادرة عن الاحتياطي الفدرالي في كليفلاند وضوحاً أكبر، إذ ارتفعت التكاليف المتوسطة لأحد كبار تجار التجزئة بنحو 20% على أساس سنوي بسبب الرسوم، ما يضع أعباء مالية واقتصادية مضاعفة على عاتقهم.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي