مع اقتراب موعد تنحّي وارن بافيت عن منصبه رئيسًا تنفيذيًا لشركة "بيركشاير هاثاواي" بنهاية عام 2025، تتجه الأنظار إلى أداء سهم الشركة مقارنة بمؤشر ستاندرد آند بورز 500، وإلى إرث الملياردير الأميركي على صعيد الاستثمار والعمل الخيري.
قبل إعلان بافيت المفاجئ في مطلع مايو/أيار عن خطته للتنحي، كان أداء سهم "بيركشاير هاثاواي" من الفئة "ب" متقدمًا على مؤشر ستاندرد آند بورز 500 القياسي بفارق 22.4 نقطة مئوية منذ بداية العام، إلا أن الأشهر الثلاثة التالية شهدت انعكاسًا في المسار، حيث تراجع السهم بنسبة 14.9% ليصل إلى أدنى إغلاق له بعد اجتماع المساهمين عند 459.11 دولار في 4 أغسطس/آب، قبل أن يعود ويحقق تعافيًا بنسبة 9.9% ويغلق عند 504.34 دولار، أي بارتفاع قدره 11.3% منذ بداية 2025.
وفي المقابل، واصل مؤشر ستاندرد آند بورز مسارًا صعوديًا أكثر قوة، إذ ارتفع بنسبة 37.9% منذ أدنى إغلاق سجله هذا العام عند 4982.77 نقطة في 8 أبريل/نيسان، ليُنهي أحدث جلسة تداول عند 6870.40 نقطة، بفارق 20 نقطة فقط عن أعلى مستوى تاريخي سجله في أواخر أكتوبر، وبزيادة 16.8% منذ مطلع العام، وفق ما نقلته CNBC عن نشرة بيركشاير هاثاواي.
ووفق حسابات "بيركشاير" التي يُفضّل بافيت أن تُقارن بالأداء الكلي للمؤشر بما في ذلك توزيعات الأرباح، ترتفع مكاسب ستاندرد آند بورز إلى 18.2% منذ بداية العام، بما يمنحه أفضلية بنحو 7 نقاط مئوية على سهم بيركشاير من الفئة "ب".
أقرأ أيضاً: بين اللطف وإعادة توجيه الطموحات والتعلم.. نصائح من الأسطورة وارن بافيت لعيش أفضل
ومع تبقّي 16 جلسة تداول فقط في عام 2025، و25 يومًا تقويميًا على تولّي جريج آبل منصب الرئيس التنفيذي رسميًا، تتخلف أسهم بيركشاير عن المؤشر القياسي حاليًا بنحو 5.5 نقطة مئوية وفق قياس الأسعار فقط، بعد أن كانت الفجوة قد اتّسعت إلى 12.2 نقطة مئوية في 29 أكتوبر، قبل أن تضيق مؤقتًا إلى تعادل تقريبًا في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني.
إرث بافيت في العمل الخيري
على صعيد إرث بافيت في العمل الخيري، عادت مبادرة "تعهد العطاء" إلى الواجهة. إذ قالت ميليندا فرينش غيتس، الشريكة السابقة لبيل غيتس والرئيسة المشاركة لمؤسسة "بيل وميليندا غيتس"، إن التعهد الذي أطلقته عام 2010 مع بافيت لا يزال بحاجة إلى مزيد من العمل ليحقق هدفه بتغيير "المعيار السائد" لما هو متوقّع من أصحاب الثروات الطائلة.
وتضم المبادرة أكثر من 250 من أثرى المحسنين في العالم تعهدوا بالتبرع بمعظم ثرواتهم للأعمال الخيرية خلال حياتهم أو عبر وصاياهم، إلا أن فرينش جيتس أقرت في مقابلة مع بودكاست "المقابلة الكبرى" على موقع "وايرد" بأن الكثير من أصحاب التعهد لم يصلوا بعد إلى مستوى العطاء المنشود، مشيرة إلى أن من بين العقبات الرئيسية صعوبة تحديد المؤسسات الجديرة بالثقة لاستقبال الأموال والوقت الطويل اللازم لبناء قناعات راسخة حول فعالية تلك المؤسسات.
وأثارت المبادرة كذلك جدلاً أكاديميًا وإعلاميًا، بعدما خلص تقرير صادر عن "معهد دراسات السياسات" في أغسطس إلى أن "تعهد العطاء" لم يحقق أهدافه وأن عددًا من الموقّعين الأوائل أصبحوا أكثر ثراءً منذ انضمامهم. ووصف متحدث باسم المبادرة التقرير بأنه "مضلل" بسبب اعتماده على بيانات غير مكتملة تستبعد أشكالًا مهمة من العطاء الخيري، بما في ذلك التبرعات للمؤسسات.
خندق بافيت الشهير.. هل يحمي بيركشاير في عصر ما بعد الأسطورة؟
في السياق نفسه، أعادت النشرة التذكير بالفلسفة الاستثمارية التي اشتهر بها بافيت، وعلى رأسها مفهوم "الخندق" الاقتصادي الذي يمنح الشركات ميزة تنافسية يصعب اختراقها، ففي تسجيل أرشيفي يعود إلى عام 1999، شرح بافيت أن تقييمه لأي شركة يقوم على قوة "خندقها" وقدرتها على الحفاظ على حصتها السوقية، ومرونة قدرتها على التسعير، واستدامة الطلب على منتجاتها، إلى جانب جودة الإدارة وحُسن توظيف التدفقات النقدية المتحققة.
وضرب مثالًا بشركات مثل "ريجلي" و"كوكاكولا"، معتبرًا أن قوة العلامة التجارية وتأثيرها في عقول مليارات المستهلكين تمثل خندقًا دفاعيًا يصعب على المنافسين تجاوزه، وأن قيمة الاستثمار تُبنى في النهاية على مدى استقرار وتطور التدفقات النقدية خلال 10 إلى 20 عامًا مقبلة.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي