من مدارس الإصلاح إلى قيادة وادي السيليكون.. محطات في حياة جنسن هوانغ

نشر
آخر تحديث
جنسن هوانغ - AFP

استمع للمقال
Play

اختارته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية لتمنحه لقب "شخصية العام"؛ لدوره البارز في طفرة الذكاء الاصطناعي العالمية وتحويل إنفيديا من شركة متخصصة إلى قائدة لثورة الذكاء الاصطناعي.. فمن هو الملياردير جنسن هوانغ (Jensen Huang) الذي تتخطى ثروته 152 مليار دولار، ويقود شركة إنفيديا (Nvidia) لمعالجات الرسومات كمؤسس مشارك ورئيس تنفيذي، والتي تتجاوز قيمتها 4.2 تريليونات دولار.

قصة جنسن هوانغ، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا، هي سيرة استثنائية لعزيمة تشكّلت في أقسى البيئات، وتحولت لاحقًا إلى رؤية أعادت تعريف مستقبل الحوسبة العالميةـ لتؤكد أن "النجاح يولد من رحم المعاناة".

وُلد هوانغ عام 1963 في مدينة تاينان التايوانية، ونشأ جزئيًا في تايلاند، قبل أن يُرسل مع شقيقه الأكبر إلى الولايات المتحدة في سن التاسعة، وما كان يفترض أن يكون انتقالًا إلى مدرسة داخلية نخبوية، انتهى بسوء فهم قادهما إلى معهد أونيدا المعمداني في كنتاكي، وهو مدرسة إصلاحية للشباب المضطربين.

اقرأ أيضاً: إنفيديا ترد على تقرير يفيد بأن شركة "ديب سيك" تستخدم شرائح بلاكويل المحظورة

هناك، وجد طفل تايواني صغير نفسه وسط طلاب أكبر سنًا، بعضهم يحمل تاريخًا عنيفًا، في بيئة قاسية اتسمت بالتنمر والمهام الشاقة، من بينها تنظيف المراحيض والحمّامات يوميًا.

يتذكر هوانغ تلك المرحلة بلا مرارة، بل باعتبارها تجربة صقل مبكرة، في خطاب تخرجه بجامعة ستانفورد، قال: كنت أفرش أسناني بجانب طلاب يحملون سكاكين في أحذيتهم.

ولم تكن تلك مجرد صدمة ثقافية، بل مدرسة للحياة علّمته الانضباط، وضبط النفس، والاعتماد الكامل على الذات.

لاحقًا، التقى بوالديه في ولاية أوريغون، وواصل تعليمه بينما عمل ليلًا في مطعم (Denny’s)، متنقلًا بين غسل الصحون، وتنظيف الطاولات، والعمل كعامل نظافة.

يصف هوانغ تلك الفترة بأنها من أكثر المراحل التي شكّلت شخصيته، قائلًا: تعلمت كيف أعمل بجد، وكيف أقدّر كل مهمة مهما بدت بسيطة، لم تكن تلك سنوات تدريب تقني أو امتيازات وادي السيليكون، بل اختبارات صبر ومثابرة حقيقية.

"إنفيديا" من المهد إلى تريليونات الدولارات

في عام 1993، أسس هوانغ شركة إنفيديا (Nvidia) مع كريس مالاكوفسكي وكيرتس بريم، باستثمار أولي بلغ 40 ألف دولار لكل منهم، وفي وقت لم يكن فيه مفهوم وحدات معالجة الرسومات سوقًا واضح المعالم، لكن هوانغ راهن على مستقبل الحوسبة البصرية.

واجهت الشركة إخفاقات مبكرة، لكنها صمدت حتى أطلقت عام 1999 شريحة (GeForce 256)، التي تُعد أول وحدة معالجة رسومات حقيقية في العالم، فاتحةً الباب لتحول جذري في صناعة الألعاب والحوسبة ثلاثية الأبعاد.

طفرة الذكاء الاصطناعي

تحت قيادة هوانغ، لم تكتفِ إنفيديا بالنجاح، بل أعادت ابتكار نفسها مرارًا، وانتقلت من شركة رقائق موجهة للألعاب إلى العمود الفقري العالمي للذكاء الاصطناعي، ومراكز البيانات، والحوسبة الفائقة، والسيارات ذاتية القيادة.

ومع طفرة الذكاء الاصطناعي التوليدي، أصبحت شرائح إنفيديا مثل ( H100وGH200) البنية الأساسية لتدريب أكبر نماذج اللغة في العالم، من شركات كبرى مثل ميتا (Meta)، غوغل (Google)، أوبن إيه آي (OpenAI).

في عام 2024، تجاوزت القيمة السوقية لـ Nvidia حاجز 4 تريليونات دولار لفترة وجيزة، متقدمة على عمالقة مثل آبل ومايكروسوفت، لتصبح الشركة الأثمن عالميًا، ويُصنف هوانغ على نطاق واسع كأحد أكثر الرؤساء التنفيذيين تأثيرًا في تاريخ التكنولوجيا الحديثة.

رغم ذلك، يُعرف هوانغ بتواضعه اللافت. بسترته الجلدية الشهيرة وخطابه الهادئ، يحرص على التواجد الدائم مع المهندسين، ويؤكد أن القيادة ليست في الأوامر بل في الفهم العميق للتكنولوجيا والإنسان معًا. يقول: الحياة ليست عادلة، لكن العمل الجاد، والتواضع، ومعاملة الناس بإنصاف تصنع الفارق.

قصته ليست فقط عن الابتكار أو الثروة، بل عن كيف يمكن للشدائد المبكرة أن تتحول إلى وقود لرؤية عالمية. من تنظيف المراحيض في مدرسة إصلاح إلى قيادة الثورة الرقمية الأهم في القرن الحادي والعشرين، يظل هوانغ شاهدًا حيًا على أن الإرث العظيم لا يحتاج إلى بداية مريحة، بل إلى إصرار لا يلين.

7 أيام عمل في الأسبوع

اعترف هوانغ، خلال لقاء له مع برنامج تجربة جو روغان بأنه يعمل 7 أيام في الأسبوع دون انقطاع، حتى في الأعياد، بدافع قلق دائم من الفشل والإفلاس، رغم أن شركته أصبحت الأعلى قيمة في العالم وبلغت قيمتها السوقية أكثر من 4 تريليونات دولار.

وقال هوانغ خلال اللقاء  إن شعوره بأنه “على بُعد 30 يومًا من الإفلاس” يلازمه منذ 33 عامًا ولم يتغير، مؤكدًا أن عدم اليقين وانعدام الأمان جزء دائم من حياته القيادية.

ويرى أن هذا الخوف هو محركه الأساسي، مستشهدًا بأزمة كادت تُفلس إنفيديا في التسعينيات لولا استثمار حاسم من شركة سيجا.

وبحسب هوانغ، فإن المعاناة والمحن ليست عبئًا، بل عنصرًا ضروريًا لبناء المرونة وتحقيق النجاح طويل الأمد.

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة