أظهر مسح دقيق نُشر يوم الاثنين أن معنويات كبرى الشركات الصناعية اليابانية سجلت أعلى مستوياتها في أربع سنوات خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في ديسمبر كانون الأول، مما عزّز توقعات الأسواق بإقدام البنك المركزي على رفع معدلات الفائدة هذا الأسبوع.
غير أن الشركات تتوقع تراجع الأوضاع خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، في ظل مخاوف متزايدة من تأثير ارتفاع الرسوم الجمركية الأميركية وضعف الاستهلاك، وهو ما يسلّط الضوء على حالة عدم اليقين بشأن المدى الذي قد يذهب إليه بنك اليابان في رفع تكاليف الاقتراض في نهاية المطاف.
وأظهر مسح «تانكان» الصادر عن بنك اليابان أن المؤشر الرئيسي الذي يقيس ثقة كبرى الشركات الصناعية بلغ +15 في ديسمبر كانون الأول، ارتفاعاً من +14 في سبتمبر أيلول، ومتوافقاً مع متوسط توقعات السوق.
وسجّل المؤشر بذلك تحسناً للربع الثالث على التوالي، ليصل إلى أعلى مستوى له منذ ديسمبر كانون الأول 2021، في إشارة إلى أن الشركات لا تزال، في الوقت الراهن، قادرة على امتصاص تأثير ارتفاع الرسوم الجمركية الأميركية.
في المقابل، استقر مؤشر معنويات كبرى الشركات غير الصناعية عند +34 في ديسمبر كانون الأول، دون تغيير عن سبتمبر أيلول، وبما يتماشى تقريباً مع توقعات السوق التي أشارت إلى قراءة عند +35.
اقرأ أيضاً: ترامب يدعم المزارعين الأميركيين بـ12 مليار دولار من عوائد الرسوم
وقال ماساتو كويكي، كبير الاقتصاديين في معهد «سومبو إنستيتيوت بلس»: «بصورة عامة، يدعم مسح تانكان الرأي السائد في الأسواق بأن بنك اليابان سيرفع معدلات الفائدة في ديسمبر كانون الأول. وما لم تتعرض الاقتصاد أو الأسواق لصدمة كبيرة، فمن المرجح أن يمضي قدماً في تنفيذ الرفع».
وأظهر مسح «تانكان» أن كبرى الشركات تتوقع زيادة إنفاقها الرأسمالي بنسبة 12.6% في السنة المالية الحالية المنتهية في مارس آذار 2026، مقارنة بمتوسط توقعات السوق الذي رجّح ارتفاعاً بنسبة 12%.
وأفادت مصادر لوكالة رويترز بأن بنك اليابان يُرجّح أن يرفع معدل الفائدة القصير الأجل إلى 0.75% من 0.5% خلال اجتماعه المقرر في 18 و19 ديسمبر كانون الأول، في ظل تراجع المخاوف من أن تُلحق التعرفات الجمركية التي يفرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضرراً بالغاً بالاقتصاد المعتمد على الصادرات.
كما أظهر المسح أن كبرى الشركات لاحظت ارتفاع أسعار البيع خلال الربع الرابع، وتتوقع استمرار زيادة الأسعار خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، في إشارة إلى أن الطلب القوي يتيح لها تمرير التكاليف المرتفعة إلى المستهلكين.
غير أن المسح نفسه سلّط الضوء على استمرار الضبابية بشأن الآفاق، إذ توقعت الشركات تدهور ظروف الأعمال خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.
وفي حين أسهم تراجع حالة عدم اليقين المرتبطة بالسياسة التجارية الأميركية في تحسين معنويات الأعمال، قال مسؤول في بنك اليابان خلال إحاطة صحفية إن العديد من الشركات لا تزال تشعر بالقلق إزاء نقص العمالة وتأثير ارتفاع الأسعار في الاستهلاك، مما يلقي بظلاله على التوقعات المستقبلية.
اقرأ أيضاً: صادرات اليابان ترتفع في أكتوبر مع انحسار تأثير الرسوم الجمركية الأميركية
وأظهر مؤشر يقيس أوضاع سوق العمل أن الشركات رأت سوق الوظائف في أضيق حالاته منذ عام 1991، حين كانت اليابان تشهد فقاعة أصول متضخمة، مما يشير إلى أن نقص العمالة قد يحدّ من وتيرة النمو في اقتصاد يواجه تراجعاً في حجم السكان في سنّ العمل.
ومع ذلك، يرى محللون أن تشديد سوق العمل يصب في صالح تحقيق زيادات مستقرة في الأجور، وهو شرط أساسي حدده البنك المركزي للاستمرار في رفع معدلات الفائدة.
وقال أبهيجيت سوريا، كبير اقتصاديي منطقة آسيا والمحيط الهادئ في «كابيتال إيكونوميكس»: «في ظل إبلاغ الشركات عن نقص حاد في العمالة، يمكن لمجلس الإدارة أن يطمئن إلى أن الدورة الحميدة بين ارتفاع الأجور وارتفاع الأسعار ستظل قائمة»، متوقعاً أن يرفع بنك اليابان معدل الفائدة الرئيسي إلى 1.75% بحلول عام 2027.
وفي تأكيد على تركيز بنك اليابان على الأجور، أصدر البنك المركزي يوم الاثنين نتائج استطلاع منفصل ونادر أجراه عبر فروعه الإقليمية حول توقعات الأجور للعام المقبل.
وأظهر الاستطلاع أن معظم فروع بنك اليابان تتوقع أن تقدم الشركات في مناطقها زيادات في الأجور خلال عام 2026 تماثل تلك المسجلة في عام 2025.
وكان الاقتصاد الياباني قد انكمش في الربع الثالث مع تراجع الصادرات في مواجهة التعريفات الجمركية الأميركية، إلا أن محللين يتوقعون عودة النمو إلى الارتفاع خلال الربع الحالي، في ظل ظهور مؤشرات على تعافي الصادرات والإنتاج الصناعي.
ومع تجاوز التضخم هدفه البالغ 2% لأكثر من ثلاثة أعوام، أشار عدد متزايد من أعضاء مجلس إدارة بنك اليابان إلى استعدادهم للتصويت لصالح رفع معدلات الفائدة، تفادياً للتأخر في التعامل مع مخاطر التضخم المرتفع.
وأظهر مسح «تانكان» أن الشركات تتوقع أن يبلغ التضخم 2.4% بعد عام واحد، وثلاثة أعوام، وخمسة أعوام، وهو ما يشير إلى أن توقعات التضخم لدى الشركات بدأت تستقر حول هدف بنك اليابان البالغ 2%.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي