الكويت .. الخروج من دائرة حقل برقان

نشر
آخر تحديث

    تحديات كثيرة انطلق بها عام 2016 مع تصاعد أزمات اقتصادية وسياسية، فعلى المستوى السياسي استقبلت الازمة السعودية - الايرانية العام الجديد، واقتصاديا موجة من التراجعات ضربت الاسواق الخليجية عللها البعض بالهبوط الذي تشهده  اسواق الصين والاسواق الغربية. وتحولت الاحداث حول العالم الى مبررات،  حتى أن الازمة السياسية بين السعودية وايران اتخذت كمبرر  لانخفاض أسعار النفط بينما تاريخيا الازمات الجيوسياسية تؤدي الى إرتفاع أسعار النفط وليس انخفاضها. ولذلك فإن علينا البحث في أماكن اخرى لنحدد موقع العلة واسباب ما نراه اليوم من تراجعات في الاسواق الخليجية وبالتحديد السوق الكويتي،  ولا اعتقد اننا علينا ان نبحث بعيدا. والموضوع لا يحتاج ان نذهب الى الصين هذه المرة بحثا عن "العلم" فالاسباب منا وفينا. السبب الحقيقي برأيي المتواضع هو انعدام الثقة. الحكومة الكويتية لم تتتكلم منذ بداية أزمة انخفاض أسعار النفط سوى عن اصلاح إقتصادي منحسر في تخفيض الدعم وفرض ضرائب،  بينما الاصلاح الاقتصادي الحقيقي يتضمن أكثر من ذلك - بل ان أهم عنصر للاصلاح الاقتصادي في الكويت هو تنويع مصادر الدخل. منذ ان صدرت الكويت أوّل شحنة نفط عام  1946  تحولت الكويت تدريجيا الى "شركة نفط" تبيع ما تنتجه وتوزع ما تجنيه على الشعب في اشكال مختلفة: رواتب وخدمات مجانية ودعم على السلع ومنح. ومع استمرار إرتفاع أسعار النفط إستمر الانفاق الحكومي الذي يعد عصب الاقتصاد في الكويت ولذلك فان أهم مكوّن في ميزانية الكويت هو الانفاق الرأسمالي. هذا الانفاق الذي يسمح  لبعض الشركات والبنوك بالاستمرار في ظل غياب أي نشاط اقتصادي حقيقي، وسمح للبورصة الكويتية ان تشهد سنوات من الرواج لم تعتمد فيها على كيانات حقيقية ولكن على صورة وردية خيالية، ولذلك جاءت أزمة 2008 ليهوى معها السوق الكويتي الذي لا علاقة له بـ "ليمان برازرز" أو بأزمة الرهن العقاري في السوق الامريكي. واليوم أصبح الانفاق الحكومي هو أيضا مهدد في ظل انخفاض النفط وتكبد ميزانية الدولة عجزا لاول مرة منذ سنوات. هذه الصورة القاتمة هي السبب الحقيقي وراء تدهور الوضع الاقتصادي في ظل غياب مقترحات للتعامل معها واختزال الاصلاح في تخفيض المميزات التي يحصل عليها المواطن الكويتي لحين ميسرة. لذلك فان ما تحتاجه الكويت اليوم هو بناء الثقة من خلال رؤية وخطة حقيقية لتوسيع مساحة النشاط الاقتصادي- ولا اعني بخطة هنا مجموعة من المشروعات الانشائية والبنية التحتية - لا - يجب ان تكون استراتيجيا شاملة لتطوير الصناعة واستحداث قطاعات اقتصادية جديدة وتدريب الشباب للعمل في هذه المجالات. يجب ان يشارك في وضع هذه الاسترايجية القطاع الخاص مع الحكومة ليحدد نقاط القوة التي يمكن الارتكاز عليها والقطاعات الواعدة التي يمكن تنميتها. الكويت التي كانت مركزا ماليا قبل اكتشاف النفط تستطيع استعادة مكانتها اليوم مسلحة بفوائض كونتها خلال سنوات إرتفاع أسعار النفط وخبرات ومهارات وعلاقات جديدة اكتسبتها طوال السنوات الماضية وقد سبقنا الى ذلك دول كثيرة استطاعت النهوض بشعوبها من خلال خلق واقع اقتصادي جديد، وهذا ما نحتاجه في الكويت : الخروج من دائرة حقل برقان. بقلم نجوى عسران @nagwacnbc    

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

العلامات

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة