تستعدّ الشركات الأميركية للإفصاح عن نتائجها المالية للربع الثاني من العام، في وقتٍ يترقّب فيه المستثمرون مؤشرات على مدى تأثير الحرب التجارية التي أطلقها الرئيس دونالد ترامب في الثاني من أبريل نيسان.
ورغم توقّعات بتباطؤ في نمو الأرباح مقارنة بالربع الأول، فإن التراجع الحاد في قيمة الدولار قد يساهم في تعويض الأثر المحتمل للرسوم الجمركية.
وبحسب بيانات «إل إس إي جي»، يتوقّع المحللون أن تسجّل أرباح الربع الثاني نمواً بنسبة 5.8% على أساس سنوي، مقارنةً بـ13.7% في الربع الأول من العام.
ومن المقرّر أن تبدأ بنوك كبرى، من بينها «جيه بي مورغان تشيس» في إعلان نتائجها في 15 يوليو تموز، وهو ما يُمثّل الانطلاقة غير الرسمية لموسم نتائج الأعمال.
عاد مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى تسجيل مستويات قياسية، مما يثير مجدّداً تساؤلات حول ما إذا كان نمو الأرباح كافياً لدعم أسعار الأسهم المرتفعة.
اقرأ أيضاً: رغم تهديدات ترامب الجمركية.. وول ستريت تراهن على صمود الأسهم الأميركية
ويتداول المؤشر حالياً عند مضاعف ربحية يبلغ نحو 22 ضعفاً للأرباح المتوقّعة، مقارنةً بمتوسط مضاعف ربحية على مدى 10 سنوات يبلغ نحو 18 مرة، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي».
كان الرئيس دونالد ترامب قد وسّع، يوم الثلاثاء، نطاق حربه التجارية العالمية، بإعلانه نيّة فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على واردات النحاس، مؤكداً أن الرسوم التي طالما هدّد بها على أشباه الموصلات والأدوية ستُعلن قريباً.
وفي اليوم السابق، أخطر ترامب 14 دولة —من بينها اليابان وكوريا الجنوبية— بأنها باتت تواجه رسوماً جمركية أعلى بكثير، تدخل حيّز التنفيذ مع حلول الأول من أغسطس آب.
تعرّضت الدول لضغوط متزايدة للتوصّل إلى اتفاقات تجارية مع الولايات المتحدة منذ أن أطلق الرئيس دونالد ترامب حربه التجارية، ما أدّى إلى عمليات بيع حادة في أسواق الأسهم. وحتى الآن، لم يتمّ إبرام سوى اتفاقين فقط: أحدهما مع بريطانيا، والآخر مع فيتنام. وفي يونيو حزيران، توصّلت واشنطن وبكين إلى إطار عمل يشمل معدّلات الرسوم الجمركية.
وقال كيث ليرنر، كبير استراتيجيي السوق لدى شركة «تروست أدفايزري سيرفيسز» في أتلانتا: «في موسم أرباح الربع الأول، كانت الحالة أشبه بقولنا: لا نعلم حقاً ما الذي نتوقّعه. عدد الشركات التي سحبت توقّعاتها المالية كان أقلّ بكثير ممّا اعتُقد، وهو ما أظهر أن الشركات لا تزال صامدة نسبياً».
وأضاف: «السؤال كان: هل هذه الصلابة ناجمة عن أننا لم نرَ بعد التأثير الفعلي للرسوم؟».
اقرأ أيضاً: رسوم ترامب تثير شبح تباطؤ اقتصادي أعمق في كوريا الجنوبية واليابان
ومن المتوقّع أن تؤدّي الرسوم الجمركية إلى ارتفاع الأسعار وتباطؤ النمو، فيما تشكّل حالة عدم اليقين بشأن السياسات النهائية عائقاً إضافياً، إذ تدفع الشركات إلى تأجيل قرارات الاستثمار والتوسع.
قال بيتر تاز، رئيس شركة «تشيس إنفستمنت كاونسل» في مدينة شارلوتسفيل بولاية فيرجينيا، إن الرسوم الجمركية ستعود على الأرجح لتكون موضوعاً بارزاً في مؤتمرات أرباح الشركات خلال الفترة المقبلة، رغم استمرار المفاوضات التجارية.
من جانبه، أشار ديفيد كوستين، كبير استراتيجيي الأسهم الأميركية في «غولدمان ساكس»، إلى أن الرسوم المرتفعة لم تؤثّر حتى الآن على توقّعات المبيعات أو خطط الإنفاق لدى الشركات على مستوى المؤشر العام، إلا أن فريقه حذّر من مخاطر محتملة على هوامش أرباح بعض الشركات، في حال اضطُرّت لتحمّل تكلفة الرسوم الجمركية بدلاً من تمريرها للمستهلك.
وقدّر خبراء «غولدمان ساكس» أن يتحمّل المستهلكون نحو 70% من التكلفة المباشرة للرسوم.
وبعد تراجعات حادة في أوائل أبريل نيسان، استقرّت توقّعات نمو أرباح الربع الثاني خلال الأسابيع القليلة الماضية.
وكتب شون سيموندز وفريق من استراتيجيي الأسهم لدى «يو بي إس» في مذكرة بحثية أن المراجعات السلبية الأولية للأرباح جاءت بعد إعلان ترامب عن رسوم «يوم التحرير» في أبريل نيسان، مشيرين إلى أن توقّعات القطاعات الأكثر انكشافاً على الرسوم —مثل السيارات والنقل والسلع المعمّرة— لا تزال أدنى بكثير من مستوياتها في أبريل نيسان.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي