كامب ديفيد ووادي عربة.. اتفاقيات أعادت تشكيل الشرق الأوسط بحضور أميركي

نشر
آخر تحديث
البيت الأبيض - مصدر الصورة: AFP

استمع للمقال
Play

في ظل تأثيرها الكبير على إسرائيل وعلاقتها الممتدة بها، كانت الولايات المتحدة الحاضر الأساسي والراعي الرسمي لأي مفاوضات أو اتفاقات كبرى بين الجانب الإسرائيلي والطرف العربي المقابل على مدار العقود الأخيرة، وذلك بعد حرب أكتوبر 1973 بدءاً باتفاقية كامب ديفيد مع مصر في 1978، والتي عُرفت باسم المنتجع الأميركي الشهير، ومروراً بمعاهدة السلام مع الأردن عام 1994 والمعروفة باتفاقية "وادي عربة"، وحتى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة الذي دخل حيز التنفيذ يوم الجمعة 10 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.

وفي حين تترقب منطقة الشرق الأوسط زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال الأيام المقبلة من أجل الاحتفال بتطبيق اتفاق المرحلة الأولى من خطته للسلام في قطاع غزة، تعود الجهود الأميركية لإحلال السلام في المنطقة بين إسرائيل والجانب العربي إلى عهد الرئيس جيمي كارتر في سبعينيات القرن الماضي.

وفيما يلي بعض الاتفاقيات العربية الإسرائيلية التي أعادت تشكيل منطقة الشرق الأوسط، وكان للدور الأميركي أهمية كبيرة في حدوثها:

اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية

كانت الولايات المتحدة بعد حرب أكتوبر 1973 بين مصر وسوريا من جهة وإسرائيل من الجهة الأخرى، الطرف الوسيط بين الجانبين في مفاوضات غير مباشرة من أجل التنسيقات الأمنية والتأهيل لمباحثات سياسية، بما تضمن مفاوضات الكيلو 101، واتفاقات فض الاشتباك، حتى أن الإعلام الأميركي أطلق على جهود وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنغر في ذلك الوقت ضمن هذا الملف "دبلوماسية المكوك".

وبعد إعلان الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات مبادرته لإلقاء خطاب في الكنيست عام 1977 من أجل العمل على التوصل لاتفاق سلام مع إسرائيل والتفاوض على استعادة كامل أراضي سيناء، تكثفت الجهود الدبلوماسية في تلك الفترة بوساطة أميركية حاضرة أسفرت في النهاية عن توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1978 ثم معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل في العام التالي.

 


اقرأ أيضاً: تاريخ أبرز الاتفاقيات السابقة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني


 

بحلول يناير/ كانون الثاني 1978، عادت الولايات المتحدة إلى دور تفاوضي أكثر بروزاً بين الجانبين. وخلال ربيع وأوائل صيف نفس العام، حاولت الولايات المتحدة إيجاد أرضية مشتركة بشأن الانسحاب الإسرائيلي من سيناء والضفة الغربية وغزة. 

وأصرت مصر على انسحاب إسرائيلي إلى حدود الرابع من يونيو/ حزيران 1967 مقابل ترتيبات أمنية وتعديلات حدودية طفيفة. في حين رفضت إسرائيل إصرار مصر على الانسحاب، وخاصة من الضفة الغربية وغزة. وطالبت بدلاً من ذلك بنوع من الحكم الذاتي الفلسطيني خلال فترة انتقالية مدتها خمس سنوات، تليها إمكانية السيادة بعد انقضاء الفترة الانتقالية. 

دفع الجمود في هذا الشأن الرئيس الأميركي جيمي كارتر إلى التدخل مباشرةً في محاولة لحلّ المأزق، وقرر الدعوة إلى اجتماع قمة. كان من المقرر أن يجمع بين السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيغن وكارتر في المنتجع الرئاسي بكامب ديفيد بولاية ماريلاند الأميركية. 

وعقدت قمة كامب ديفيد، خلال الفترة من 5 إلى 17 سبتمبر/ أيلول 1978،وكانت لحظة محورية في تاريخ النزاع العربي الإسرائيلي والدبلوماسية الأميركية. 

وبحسب موقع حكومي أميركي، نادراً ما كرّس رئيس أميركي هذا القدر من الاهتمام المتواصل لقضية واحدة في السياسة الخارجية كما فعل كارتر خلال مدة القمة التي استمرت أسبوعين. 

والتقى كارتر ووزير خارجيته سايروس فانس بالوفدين المصري والإسرائيلي بشكل فردي على مدار 12 يوماً متتالية بسبب صعوبة التفاوض بشكل ثلاثي على خطة أميركية مقترحة لمعاهدة سلام بين الجانبين.

ونجحت القمة في إرساء أسس السلام المصري الإسرائيلي، من خلال وثيقتي "إطار عمل"، حددتا مبادئ اتفاقية سلام ثنائية، بالإضافة إلى صيغة للحكم الذاتي الفلسطيني في غزة والضفة الغربية.

ومع عدة عوامل معاكسة لاستمرار الجهود في الفترة التالية للتوصل إلى اتفاق سلام  رسمي، وانهيار سلسلة من المباحثات في واشنطن، سافر كارتر إلى إسرائيل في 10 مارس/ آذار 1979، وفي محادثات مكثفة مع الإسرائيليين، نيابة عن مصر، استمرت ثلاثة أيام.

ونتيجةً لضمان الولايات المتحدة لإمدادات إسرائيل من النفط، وبعض الضمانات الأخرى، اتفقت الولايات المتحدة وإسرائيل على نص معاهدة في 13 مارس. ووافق السادات سريعاً على الاتفاقية، ليتم توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية رسمياً في 26 مارس.

 


اقرأ أيضاً: بعد فقدان جائزة نوبل.. ما الذي يريده ترامب من اتفاق غزة؟ (خاص CNBC عربية)


 

معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية

في السادس من مارس 1991، قال الرئيس الأميركي جورج بوش الأب للكونغرس: "لقد حان الوقت لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي"، وهو ما تلاه ثمانية أشهر من الجهود الدبلوماسية المكثفة التي قام بها وزير الخارجية الأميركي جيمس بيكر، مما أسهم في عقد مؤتمر مدريد للسلام في أكتوبر 1991، برئاسة بوش والرئيس السوفيتي ميخائيل غورباتشوف، وفود إسرائيلية ومصرية وسورية ولبنانية، بالإضافة إلى وفد أردني فلسطيني مشترك. 

وكان هذا المؤتمر، الذي شهد لأول مرة اجتماع جميع أطراف الصراع العربي الإسرائيلي لإجراء مفاوضات مباشرة معاً، محطة فارقة في الجهود الدبلوماسية في ملف الصراع خلال التسعينيات وكان أساساً للانطلاق نحو مفاوضات واتفاقيات أخرى على رأسها اتفاقية أوسلو مع الجانب الفلسطيني في عام 1993، ومعاهدة السلام الإسرائيلية الأردنية في العام التالي مع انفتاح الجانب العربي على الحلول السياسية والدبلوماسية.

وبعد مؤتمر مدريد، واصل ممثلو إسرائيل وسوريا والأردن وفلسطين اجتماعاتهم الثنائية في العاصمة الأميركية واشنطن، وأيضاً بدأت محادثات متعددة الأطراف في موسكو عام 1992. ولكن في عام 1993، وصلت محادثات واشنطن إلى طريق مسدود، وحلت محلها مفاوضات سرية إسرائيلية - فلسطينية، وإسرائيلية - أردنية.

وخلال خطوات الوصول لاتفاقية سلام بين الأردن وإسرائيل في عهد الرئيس الأميركي بيل كلينتون، تمثل الدور الأميركي في رعاية العديد من جولات المفاوضات، إلى جانب تقديم الضمانات الأمنية للأردن ضد أي تهديدات مستقبلية، إلى جانب الدعم الاقتصادي.

وتضمنت الاتفاقية إنهاء حالة الحرب رسمياً بين الجانبين، وترسيم الحدود الدولية بينهما، والاعتراف المتبادل، إلى جانب التعاون الأمني لتأمين الحدود، والتنسيق بشأن قضية القدس واللاجئين.

وحضر كلينتون توقيع المعاهدة في 26 أكتوبر 1994 في منطقة وادي عربة على الحدود بين العقبة الأردنية وإيلات الإسرائيلية، وذلك بين الملك الأردني الراحل الحسين بن طلال ورئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحاق رابين.

 


اقرأ أيضاً: خطة ترامب وإعادة إعمار غزة... العالم يتأهب لـ"المهمة المستحيلة"


 

اتفاقيات إبراهيم

في الفترة الرئاسية الأولى للرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب، عملت الإدارة الأميركية على التقريب بين دول عربية وإسرائيل ضمن جهود من أجل كسر الممنوعات العربية لدى الدول غير المرتبطة بشكل مباشر بالصراع فيما يتعلق بالتعاون مع تل أبيب والاعتراف بها.

وقاد جهود الوساطة الأميركية بين تلك الدول وإسرائيل غاريد كوشنر، صهر ترامب، والتي أدت في النهاية إلى أن تشهد العاصمة الأميركية واشنطن توقيع تلك الاتفاقيات يوم 15 سبتمبر 2020 مع البحرين والإمارات.

وفي وقت لاحق انضمت دولتا المغرب والسودان إلى تلك الاتفاقيات خلال الشهور التالية، والتي أسفرت في النهاية عن تطوير العلاقات الاقتصادية والأمنية مع هذه الدول وخاصة الإمارات التي شهدت تعاوناً دفاعياً وتوقيع اتفاقية تجارة حرة مع تل أبيب، إلى جانب التعاون في العديد من المجالات الاقتصادية.

وتزامناً مع بدء تطبيق خطة ترامب في الوقت الحالي للسلام في غزة، تشير تصريحات أميركية إلى اعتقاد الولايات المتحدة بانضمام دول أخرى في المنطقة إلى هذه الاتفاقيات خلال الفترة المقبلة.

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة