تشهد سوق الأسهم الروسية ارتفاعاً مدفوعاً بآمال السلام، رغم أن اقتصاد البلاد تحول مؤخراً إلى إظهار علامات ضعف بعد الصمود لفترة طويلة في زمن الحرب.
وارتفعت الأسهم الروسية بشكل حاد بعد ظهور أنباء تفيد بأن الرئيس دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين من المقرر أن يجتمعا في ألاسكا يوم الجمعة 15 أغسطس/ آب.
وأغلق مؤشر بورصة موسكو، الذي يتتبع أسهم أكبر 40 شركة روسية، على ارتفاع بنسبة 0.44% يوم الثلاثاء، مسجلاً مكاسب لليوم الرابع على التوالي. وقفز المؤشر بنحو 8% مقارنة بنهاية تعاملات يوم الأربعاء، مقترباً من أعلى مستوى له في ثلاثة أشهر.
وكتبت المحللة الرئيسية في شركة فريدوم فاينانس جلوبال، ناتاليا ميلشاكوفا، وهي شركة وساطة مقرها كازاخستان، في مذكرة يوم الثلاثاء: "يعتمد اللاعبون في سوق الأسهم على بداية تسوية للصراع الروسي الأوكراني في أعقاب اجتماع رئيسي الولايات المتحدة وروسيا، بحسب تقرير لموقع Business Insider.
وأضافت ميلشاكوفا أن هناك تفاؤلاً متزايداً بشأن إمكانية تخفيف بعض العقوبات المفروضة على الشركات الروسية إذا أدت المحادثات إلى خفض التصعيد.
اقرأ أيضاً: قمة ألاسكا.. ما هي أهداف "بوتين" الخاصة؟
اعتماد الاقتصاد على الحرب
يأتي هذا التفاؤل في السوق حتى مع ظهور علامات توتر على الاقتصاد الروسي، الذي اعتمد خلال فترة الحرب على الإنفاق العسكري، فكانت الحرب نفسها هي مصدر صموده خلال الفترة الأولى منها وحتى وقت قريب.
فمع اندلاع الحرب بين موسكو وكييف في فبراير/ شباط 2022، بدأت المصانع في جميع أنحاء روسيا في تحويل الإنتاج إلى الاحتياجات العسكرية. وفي منطقة تشوفاشيا، كانت سبعة مصانع تلبي طلبات القوات المسلحة قبل الحرب؛ وبحلول أكتوبر/تشرين الأول 2022، ارتفع العدد إلى 36 مصنعاً، بحسب ما ذكره الحاكم المحلي في تقرير سابق لصحيفة فايننشال تايمز.
وبحلول نهاية عام 2023، ارتفع الإنتاج الصناعي في ما يقرب من 60% من المناطق الروسية. وفي جميع أنحاء روسيا، سارع قطاع الدفاع إلى توظيف موظفين في سوق العمل الضيق بالفعل.
كما قامت العديد من الشركات في ذلك الوقت برفع الأجور للاحتفاظ بالموظفين. كما عاد البعض إلى وظائفهم التي كانوا يقومون بها آخر مرة في التسعينيات، عندما انهار الاتحاد السوفييتي، فالطلب على العمال الأكبر سناً زاد بسبب مهاراتهم.
اقرأ أيضاً: كيف انعكس الإنفاق العسكري خلال الحرب مع أوكرانيا على حياة الفقراء الروس؟
الاقتصاد الروسي يتعثر بسبب ضعف أسعار النفط
كان الإنفاق العسكري المرتفع مدعوماً بعائدات النفط والغاز والتي بدأت في فقدان زخمها خلال الفترة الأخيرة خاصة مع ظهور تداعيات العقوبات الأميركية والغربية على الاقتصاد الروسي وخاصة القطاع النفطي الذي تركزت عليه تلك العقوبات بشكل كبير، إلى جانب تحديد حد أقصى لسعر البرميل عند 60 دولاراً.
وظلت أسعار الطاقة ضعيفة بشكل مستمر، مما أدى إلى تقويض أحد أهم مصادر الدخل بالنسبة للكرملين .
ومن معدل نمو 4.3% للاقتصاد الروسي خلال العام الماضي، بحسب بيانات صندوق النقد الدولي، يتوقع الصندوق أن ينخفض معدل النمو إلى 0.9%.
اقرأ أيضاً: قمة ألاسكا.. اختبار لصلابة التحالف الغربي أمام الضغط الروسي
ترامب يصعد ويهدد بعقوبات جديدة
يأتي ذلك في الوقت الذي صعد فيه الرئيس الأميركي مؤخراً من خطابه ضد الدول المستوردة للنفط الروسي، وخص بالذكر الهند - إحدى أكبر عملاء الطاقة لموسكو والتي قرر بالفعل فرض رسوم جمركية إضافية عليها بنسبة 25% - كما هدد الصين برسوم مماثلة، وهدد بفرض عقوبات ثانوية على الدول التي تساعد روسيا على تجنب القيود.
وكتب مؤسس ومدير الاستثمار الرئيسي في شركة نافيلييه وشركاه، لويس نافيلييه: "السبب الذي يجعل فلاديمير بوتن يريد فجأة التوصل إلى وقف لإطلاق النار هو أن العقوبات الجديدة التي تهدد بها الولايات المتحدة ستكون مرهقة لروسيا وحلفائها، مثل البرازيل والصين والهند"، بحسب Business Insider.
اقرأ أيضاً: ترامب يرفع الرسوم الجمركية على الهند إلى 50% بسبب مشتريات النفط الروسي.. ونيودلهي تعلق
نتائج القمة غير مؤكدة
مع ذلك، ورغم ارتفاع الأسهم الروسية، يحذر المحللون من أن التقلبات في أسواق الأسهم من المرجح أن تستمر في ظل بقاء نتائج القمة غير مؤكدة إلى حد كبير.
وكتب المحلل في شركة فينام المالية الروسية، ماغوميد ماغوميدوف: "تظل الجغرافيا السياسية مصدراً رئيسياً للتقلبات في الوقت الذي يقيم فيه المشاركون (في أسواق الأسهم) احتمالات تحقيق تقدم حقيقي في المحادثات، نظراً لتصريحات ترامب حول تبادل محتمل للأراضي واهتمام الجانبين باتفاقية أكبر وطويلة الأجل".
اقرأ أيضاً: طريق شائك نحو التسوية.. هل تضع ألاسكا حداً لحرب أوكرانيا؟
هل تتأثر الملاذات التقليدية؟
وبعيداً عن روسيا، يراقب المستثمرون العالميون اجتماع ترامب وبوتن عن كثب بحثاً عن أدلة حول التأثيرات الأوسع نطاقاً على الأسواق.
وكتب تييري ويزمان، وهو استراتيجي عالمي لأسعار الصرف الأجنبي في مجموعة ماكواري: "من ناحية أخرى، من الممكن أن يؤدي السلام إلى استقرار إمدادات الطاقة وتقليل البحث عن الملاذات الجيوسياسية الآمنة".
وقد يؤثر ذلك سلباً على الملاذات التقليدية مثل الدولار الأميركي، والفرنك السويسري.
وأضاف ويزمان: "لكن السلام قد يعكس اتجاه الإنفاق الدفاعي والبنية الأساسية ذات الصلة في أوروبا".
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي